مثلما حقق نجاحاتٍ وانتشارًا أدبيًا على مستوى الكتابة الروائية، حقق الكاتب والسيناريست أحمد مراد نجاحات متتالية خلال السنوات الماضية سينمائيًا سواء بتحويل رواياته إلى أفلام أو بالكتابة المباشرة للسينما.
وكانت آخر تلك المشاريع السينمائية التي حوّلها من إنتاجه الأدبي، فيلم «كيرة والجن» عن روايته «1919» بطولة النجمين كريم عبد العزيز وأحمد عز والذي يُعرض حاليًا في السينمات، ولهذا كان لموقع الإذاعة الشقيقة «نايل إف.إم»، حوارًا مع الكاتب الروائي والسيناريست أحمد مراد عن فيلمه الأخير ومشاريعه السابقة والجديدة، وعن رؤيته للأدب والسينما والانتقال بين عالميهما.
كواليس صناعة الفيلم كانت صعبة من أول تنفيذ الفكرة العامة للفيلم كرواية لأن اللي حصل من 100 سنة في مصر بالنسبة لنا مبهم جدا لأن تم طمسه بشكل كبير لأنه في الآخر دي ثورة كانت تبدو مش منظمة عملها ناس شعبيين جدًا، وراها جهاز سري بيعمد للخفاء مش عاوز يظهر في الصورة لأنه لو اتعرف الإنجليز هيبهدلوه علشان كده ما كتبش عن هذه الثورة وما أرّخش بشكل كافي بإيده وإن كان بعض الأصوات زي محمد سعيد باشا أو عريان يوسف سعد أو مصطفى أمين بعضهم كتب عن هذه الثورة بشكل ما.
الأصعب هو رؤية الزمن ده كاجتماعيات والأكل والنكت وطريقة الحديث وده خد مني مجهود كبير إني أدور على ده جوه البرامج القديمة من خلال الفنانين زي استيفان روستي وعبد الفتاح القصري اللي وهي بتتكلم كلام عادي بتديني وحي عن العصر ده وكنت بتفرج عليهم خارج إطار التمثيل، ونزلت عاينت في وسط البلد واتفرجت على الأماكن اللي دارت فيها الأحداث أو ما بقى منها، وده كله انعكس على العمل لما بدأنا نشتغل.
ما أقدرش أقول إن الأدب والسينما رغم قربهم لبعض إنهم يعتبروا شبه بعض في الآخر ده له عوامل وده له عوامل تانية خالص، أنا عندي القدرة أكتب كتاب 500 صفحة وأسرد فيه كل اللي أنا عاوزه، مقابل إني لما أعمل فيلم قدامي ساعات معينة مرتبطة بقدرة الجمهور على الجلوس في السينما وقدرة السينما على تقديم فيلم لا يزيد وزنه عن 3 ساعات وده اللي أنا نفذته، ولما نيجي نفكر في الشكل ده من الأعمال لازم نعرف إن هيحصل تغيير في الشخصيات وطريقة السرد لاختلاف الوسيط، إحنا بنشرح بالكلمات في الرواية والقاريء بيكون الموضوع بخياله، في اشتراك كبير جدًا في العمل الفني الأدبي ما بين الكاتب والقاريء، أما السينما فبتدي تاريخ ورؤية ووجبة جاهزة للي بيتفرج معندوش قدرة إنه يتخيل، هو بيتفرج على الأحداث بخيال مخرج وكاتب وفريق عمل كامل بيحطوا البصمة بتاعتهم.
محدش ياخد أبدًا من الأفلام تاريخ معين، لأن في الآخر الفن والخيال هما المسيطرين الأساسيين على هذا الشكل من الفن، فلو أنا عملت الشخصيات ودورت عليها وكتبتها زي ما هي هيطلع فيلم وثائقي بيتناول اللي الناس عارفاه فقط في التاريخ ومن هنا هكتب عن أحمد كيرة بالظبط 10 دقايق لو قدرت أعملهم، لأن تاريخه لا يزيد عن 3 صفحات في التاريخ ولا فيه أبوه ولا أمه ولا حياته ولا تربيته ولا أولاده، وهنا لازم يدخل الخيال علشان يصيغ ويحول الموضوع لأسطورة ما من شخصية أصلية إلى شخصية ذات سيرة شعبية زي أبو زيد الهلالي، وتعيش أزمنة طويلة جدًا بدون أي نوع من المحاسبة التاريخية.
اسم الفيلم بناء على دراسات، فكرنا إن الفيلم ليس تاريخي وإحنا بناخد الشخصيتين دول كأعمدة للقصة والإنسان نفسه اللي كان في الشارع هو اللي المفروض يتحكي عنه مش الأحداث التاريخية، لأن الفيلم مش بيتكلم عن قصة حياة سعد زغلول أو الوفد، ولا السياسة ولجنة ميلنر ولا الاستقلال، هو يتناول قصة شباب كانوا في وقت 1919 بيقوموا بمغامرة رهيبة حالمة ضد إمبراطورية كبيرة جدًا فقط، لذلك حسينا إن كيرة والجن اسم لديه القدرة إنه يعيش أكتر من 1919، واسم كيرة والجن بينزلنا لمستوى الشباب في إيجاد نوع من الأبطال الخارقين المصريين.
أنا ومروان بندرس فكرة فيلم (الفيلم الأزرق 3) لسه ما قررناش هننفذها إمتى وإزاي وما ينفعش أقول عنها دلوقت، لكنها في دماغنا في الحيز المستقبلي بإذن الله.
لما جيت أكتب الأصليين كان موضوع المراقبة الكوكبية في موضوع سنودن أو فيسبوك كان مشتعل جدًا، وأنا لما بكتب رواية بكتبها في سنتين، علشان أضمن إنها تطلع بالجودة اللي أنا عاوزها، فأول ما يبقى فيه موضوع يتحمل زي كيرة والجن مثلا لما اتعمل رواية 1919 في نفس الوقت كنت بختار إما 1919 أو الأصليين يتكتب رواية، فانتصر 1919 كرواية والأصليين كفيلم لسرعة الموضوع في الأصليين ولأن 1919 محتاجة دراسة أكتر بكتير وأسلوب أدبي محتاج يبان، عكس الأصليين.
يستحيل يكون فيه تطابق في رأي الجمهور كقاريء ويشوفها كفيلم وينبسط، لأن اللي بيقرا بيشارك الكاتب في تخيل الرواية، لكن المشاهد العادي بيشوف وجبة جاهزة بيحصل تعارض ويحس إن مش ده اللي هو تخيله فبيحس إنه مش مبسوط فبيكون عنده أزمة، فلازم اللي يتفرج على الفيلم لازم يفرق بين المنتجين وإن ده خيال خاص بالمخرج وفريق العمل، واختلاف الخيال لا يفسد للود قضية.
أنا في الآخر من جمهور أسماء كتير زي أستاذ نجيب محفوظ اللي رباني على قراءاته من وأنا 13 سنة، هاروكي موراكامي، فيرجينيا وولف، ساراماجو، جارثيا ماركيز، زوران جيفكوفيتش، إدجار آلان بو، إمبرتو إيكو، ستيفن كينج، دان براون، محمد المخزنجي، محمد المنسي قنديل، يوسف زيدان، وآخرين.
ستظل هناك أزمة لو المخرج غير واعي، التعديل والتغيير مطلوبين، لكن المخرج غير الواعي دي مشكلة كبيرة، أنا النهارده بشتغل مع مروان راجل واعي بأدواته وبالتفاهم مع الورق، وببقى سعيد بالعمل معاه، غير لو الواحد قابل مخرج معندوش وعي وتراكم ثقافي وفي الآخر اللي بينتصر في المباراة الإبداعية هو الرأي الصح.
مواضيع ممكن تعجبك