«سؤال الموعظة»| الدكتور سعد الدين هلالي: الواعظ الأول للإنسان هو الله عز وجل

تحدث الدكتور سعد الدين هلالي، اليوم الثلاثاء، عبر برنامج «سؤال الموعظة» على «نجوم إف إم»، عن واعظ الإنسان الأول.

وقال الدكتور سعد الدين هلالي: «ليست الموعظة وظيفة أو مهنة أو حرفة ولكن هي سنة إلهية وفطرة إنسانية وعبادة إيمانية تنشئ بيئة متنامية في حسن أخلاقها، فكل من يرجو كمال المحامل ومكارم الأخلاق في عين الآخرين فليسأله بين الحين والآخر بما توصيني وتنصحني، فكل من يراك ويعرف عنك هم شهداء الله في الأرض، وإذا كان الدعاء هو سؤال الله الحوائج فإن الموعظة هي سؤال خلقه النصائح، ومن هنا كان سؤال الموعظة هو طريق الفالحين وثقافة الموفقين».

أضاف: «حديثنا عن واعظ الإنسان الأول، قد يقول قائل إن الموت هو أول واعظ للإنسان، وقال النبي عليه الصلاة والسلام (كَفَى بِالْمَوْتِ وَاعِظًا، وَكَفَى بِالْيَقِينِ غِنًى)، وعن الإمام علي ابن أبي طالب، قال (من أراد صاحبا فالله يكفيه ومن أراد مؤنسا فالقرآن يكفيه ومن أراد غنى فالقناعة تكفيه ومن أراد واعظا فالموت يكفيه ومن لم يجد واحد في هذه الأربع فلا خير فيه والنار تكفيه)».

تابع: «الموت حدث وليس نفسا ومتأخر عن حياة الإنسان الأول، وقد يقول قائل أول من وعط الإنسان هو الشيطان الرجيم الذي قال لآدم (يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَىى) وأيضا هو آخر واعظ للإنسان كما قال تعالى في كتابه العزيز (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)».

وأوضح الدكتور سعد الدين هلالي: «لكن استحالة يكون الشيطان واعظ للإنسان لأن الموعظة هي الدل على الخير والتحذير من الشر والشيطان عكس ذلك، كما قال سبحانه وتعالى (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ)، فلا نقل إن الشيطان يعظ ولكن نقول إنه يوسوس، موعظة الشيطان ليست بريئة فهي ثمن رضاك بمساكنته فهو متاجر بالدين وليس واعظا بالدين».

واعظ الإنسان الأول

وأشار: «قد يقول قائل عن واعظ الإنسان الأول هو أبواه بحكم الفطرة الإنسانية التي سير الله بها الأبوين لصالح أولادهم، ومع منطقية هذا الرأي إلا أنه لا يستقيم عند الحديث عن آدم وحواء عليهما السلام، فمن وعظمها؟ وقد خلقهما الله بدون أبوين، وكذلك الناس التي لا تلتقي في حياتها من يعظها لسبب أو لآخر، الحقيقة التي يجب الإقرار بها والاعتراف بواقعها هي أن الواعظ الأول للإنسان هو الله عز وجل، كما قال سبحانه (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمً، وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ، فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ، إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ، وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ، فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ)”.

فضل ربنا على الناس

وواصل: «كان من فضل ربنا على الناس أن صبغهم على الفطرة لتكون داخلية كل إنسان هي واعظه الإلهي فيه وقد أقسم الل تعالى بالنفس اللوامة، وقال تعالى في كتابه العزيز (لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ، أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ، بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ)، إن الإقرار بأن واعظ الإنسان الأول هو الله سبحانه يُعلي من قيمة الموعظة ومن شرف الواعظ ومن السعي إلى طلب الموعظة ومن تقديم الموعظة دون مقابل، الموعظة لها قدسية ولها جلال يليق بقدسية الله سبحانه وجلاله».

يدعو البرنامج الذي يقدمه الدكتور سعد الدين هلالي إلى إحياء ثقافة سؤال الموعظة من أهلها، كسؤال الدعاء من رب العالمين.

يستعرض البرنامج عشرات النماذج من طلب كبار أصحاب المقامات العالية الموعظة من غيرهم، كطلب الأنبياء والصحابة والخلفاء وسائر الموفقين، الموعظة من أهلها لأن المؤمن مرآة أخيه، والناس شهداء الله في الأرض.

يذاع برنامج «سؤال الموعظة» يوميًا من الساعة 5:30 حتى 5:40 مساءً.