تستمع الآن

خاص| المرشدة السياحية نورهان كيلاني: المصريون القدماء قدّسوا الأم وشبّهوا النيل بها

الجمعة - ٢١ مارس ٢٠٢٥

«مع بزوغ الفجر، تتسلل أشعة الشمس عبر النافذة لتلامس جبينك، كأنها تقبّلك وتباركك في يومك، تغرد الطيور احتفالًا بك، وتزهر زهور اللوتس تكريمًا لك، بينما تتراقص الفراشات في مشهد يعكس بهجة هذا اليوم.. اليوم هو يومك يا أمي، فلا تنسي أن ترفعي يديك بالدعاء لي.. فقد قال آمون: “دعاء الأبناء لا يصل لآذان السماء إلا إذا نطقته شفاه الأمهات».. بهذه الكلمات قدس المصري القديم الأمهات، وعبر بها عن مدى الحب والاحترام لهن.

وعُثر على هذه الكلمات في بردية مصرية قديمة، تكشف عن مدى الحب والاحترام الذي كان يكنّه المصري القديم للأمهات منذ آلاف السنين، وفي وقت يحتفل فيه العالم العربي بـ«عيد الأم» يوم 21 مارس من كل عام.

وأجرى موقع “نايل إف إم“، حوارًا مع المرشدة السياحية نورهان كيلاني، استعرضت من خلاله الاكتشاف الأثري في تل العمارنة، حيث وُجدت بردية توثق مشاعر طفل تجاه أمه، مصورًا كيف كانت زهور اللوتس تتفتح لمجرد رؤيتها.

وتعكس المشاعر المسجلة على هذه الأوراق التقدير العميق الذي حظيت به الأم المصرية عبر العصور.

«ست».. لقب يحمل قدسية خاصة

قالت نورهان كيلاني إن كلمة «ست» التي تستخدم في العامية المصرية للإشارة إلى السيدة، كانت كلمة تحمل بعدًا عميقًا في مصر القديمة، إذ كان يرمز إلى الألهة أو السيدة النبيلة ذات المكانة الرفيعة.

وأضافت: «حتى اليوم، حين نصف الأم بأنها “ربة” (ربة) البيت، فإننا نكرّس مكانتها كركيزة أساسية للأسرة، مستحقةً كل الاحترام والتقدير.

تابعت قائلة: «في مصر القديمة، كانت كلمات الأمهات تُعتبر ذات قوة إلهية، وأوصى الفراعنة أبناءهم بعدم نسيان أمهاتهم في صلواتهم، وكان الكهنة يقولون: “أحسن إلى أمك، فحين تدعو لك، لا يسمع الإله إلا كلماتها، وقد كان صوت الأم مقدسًا، يحمل الحب والبركة، ويصل مباشرةً إلى الآلهة».

النيل.. مانح الحياة

وأضافت المرشدة السياحية نورهان كيلاني، أن تكريم الأم لم يكن مجرد كلمات مدونة على ورق البردي، لكنه كان جزءًا من الطبيعة نفسها، فالنيل، شريان الحياة لمصر القديمة، وكان يُشبه بالأم، إذ كان فيضانه يجلب الخصوبة والنماء للأرض، تمامًا كما تمنح الأم الحب والرعاية والغذاء لأطفالها، ولهذا السبب، كان الاحتفال بعيد الأم في مصر مرتبطًا تقليديًا بدورة فيضان النيل «في إشارة إلى العطاء غير المحدود للأمومة».

إيزيس.. آلهة الأمومة

وأكدت على أنه بلغ تقديس المصريين القدماء للأمومة حدّ تخصيص آلهة ترمز إليها، وكانت إيزيس “الأم العظمى” تجسد أسمى معاني الحنان والتفاني.

كما حظيت حتحور “آلهة الخصوبة والحب” بتكريم في الشهر الذي يلي فيضان النيل وهو وقت كان يُرتبط بالتجدد والعطاء.

تكريم مقدس في كل منزل

وقالت إنه في مصر القديمة، كان لكل أم تمثال صغير لإيزيس في غرفتها، محاطًا بالزهور، تعبيرًا عن التقدير والامتنان، وفي الأيام المميزة، كانت تُقدَّم القرابين حوله كرمز للشكر، وقد امتد احترام الأمومة من القصور الملكية إلى البيوت البسيطة، ليؤكد أن حب الأم كان دائمًا أعظم نعمة يمكن أن يحظى بها الإنسان.

فكرة علي أمين

وأوضحت المرشدة السياحية أن الصحفي علي أمين لعب دورًا أساسيًا في إقرار عيد الأم في 21 مارس، وجاءت الفكرة بعد أن قابل أرملة اشتكت له من إهمال أبنائها لها بعد أن كبروا وتزوجوا، رغم أنها كرست حياتها لتربيتهم وتعليمهم، ودفعته هذه القصة إلى اقتراح يوم مخصص لتكريم الأمهات والتأكيد على أهمية تقدير دورهن.

الأمومة.. حجر أساس في الحياة

وأكدت نورهان كيلاني على أنه منذ العصور القديمة وحتى اليوم، ظل دور الأم محوريًا في المجتمع. فقد مثّلت الأمومة رمزًا للعطاء المستمر، وحافظت على مكانتها كأساس رئيسي في بناء الأسرة والحياة الاجتماعية.

– مصدر الصورة الرئيسية Freepik


الكلمات المتعلقة‎