تستمع الآن

خاص| بعد جائزة مهرجان «كان».. ندى رياض مخرجة «رفعت عيني للسما» تحكي لـ«نجوم إف.إم» رحلتها مع «بنات البرشا»

الأربعاء - ٠٦ نوفمبر ٢٠٢٤

في بيتٍ بسيط داخل قرية «البرشا» بمحافظة المنيا، يشرق شعاع الشمس على الأم «دميانة» التي ترعى دجاجاتها في الصباح، بينما تتصاعد روائح الإفطار الذي تعدّه الابنة «هايدي». هذا الصباح المصري البسيط ربما لا يكشف لك أن في هذا البيت فنانتان حصلا على جائزتين في مهرجان كان السينمائي، أحد أكبر المهرجانات الفنية في العالم.

الأم دميانة نصّار التي قدمت بطولة فيلم «ريش» إخراج عمر الزهيري الحائز على جائزة أسبوع النقاد في الدورة 74 من مهرجان كان السينمائي، جاءت ابنتها «هايدي» وهي إحدى فتيات مشروع «بانوراما برشا»، لتضيف تكريم آخر من مهرجان كان للأسرة الصعيدية، بعد مشاركتها ضمن فرقتها الفنية في فيلم «رفعت عيني للسما» للمخرجين ندى رياض وأيمن الأمير، والذي فاز أيضًا بجائزة «العين الذهبية» لأفضل فيلم وثائقي في أسبوع النقاد بالدورة 77 لمهرجان كان السينمائي.

ومع انطلاق العرض الجماهيري للفيلم في السينمات المصرية، الأربعاء، كان لنا هذا الحوار في موقع «نجوم إف.إم» مع مخرجة الفيلم ندى رياض.. وإلى الحوار:

– ما الذي دفعكم إلى التوجه للصعيد وتناول فرقه الفنية؟

بين 2016 و2018 كنا بنشتغل أنا وأيمن الأمير مع مجموعة من المؤسسات في القاهرة اللي بتدعم سيدات الصعيد من خلال الفنون، فكنا بنسافر في المنيا وأسيوط ومحافظات تانية، وقابلنا بنات البرشا وشدوا انتباهنا، وفضلنا على تواصل على مدار سنين، وفي 2018 طلبوا مننا، نيجي قريتهم البرشا لعرض واحد من أفلامنا هناك، وكان عندهم فضول حوالين السينما وكانوا حاسين إنها وسيلة جديدة محتاجين يستكشفوها، وإحنا اتعلقنا بيهم وحسينا إننا ممكن نعمل فيلم معاهم وعنهم في البرشا.

– ولماذا اخترتم فرقة «بانوراما البرشا» تحديدًا؟

هم كانوا في 2018، كلهم بنات صغيرين في أواخر المراهقة وعندهم طاقة وحماس شديد وعروض الشارع بتاعتهم كانت تفاعلية، ومش بس كانوا بيقدموا محتوى إبداعي لطيف، لكن كانوا بيحاولوا يتفاعلوا مع الناس في الشارع، ودي بالنسبة لنا كانت حاجة مبهرة وماشوفناهاش كتير في الصعيد، وإنهم كمان كانوا عاوزين يحركوا المجتمع بتاعهم ويطرحوا أفكارهم وأصواتهم بشكل فني أصيل.

– 4 سنوات من العمل.. كيف كانت التحديات خلال تلك الفترة الطويلة؟ وكيف كانت أيضًا مفيدة لصناعة الفيلم؟

المدة الزمنية الطويلة كانت فيها تحديات كتير، أولا تكييف وسيلة التصوير مع الوسط اللي بنصور فيه والعوامل الموجودة حوالينا، لأن في بداية التصوير عارفين إننا هنتابعهم فترة طويلة فمحتاجين نبقى فريق عمل صغير والكاميرات ما تبقاش ضخمة ولا تلفت الانتباه، ونلاقي حلول سينمائية علشان ما نبقاش بنعطل سير الحياة في القرية وفي نفس الوقت نلقط لقطات حقيقية وحميمية، وهم وأسرهم أخدوا وقت على ما يتعودوا على وجود الكاميرا، وكمان فريق العمل ما اتغيرش كتير خلال فترة العمل علشان الأهل ما يرجعوش يتعودوا على ناس جداد، وعلى الناحية التانية، في الفيلم نفسه أنت بتشوف المجموعة الموهوبة دي وهي بتكبر على الشاشة وما كناش هنقدر ننفذ ده إلا من خلال الفترة الطويلة دي.

– بعد تلك الفترة من المعايشة في الصعيد، هل ترين أنه ما زال هناك تنميطًا للمرأة الصعيدية في السينما، أم أصبح هناك فرصًا أكبر لتقديم تجاربهن الحقيقية؟

دي حاجة أعتقد إننا بنختبرها دلوقت مع أول يوم في العرض السينمائي للفيلم في مصر وأتمنى فعلا إن الفيلم ده ووجود البنات في عروض السينما وتفاعلهم يقدر يكسر حاجة في الصورة النمطية الموجودة ويحمسوا الناس إنهم يطالبوا بوجود قصص زي دي في الأفلام والمسلسلات ويكون فيه تمثيل أكتر للمجتمع الصعيدي من داخل المجتمع الصعيدي نفسه، ودي حاجة إحنا متحمسين ليها جدًا وحاسين إن الجمهور عطشان لحواديت مصرية بتتحكى بشكل سلس وعن مجتمعاتنا اللي إحنا شوية مش بنلاقي فرصة حقيقية إننا نشوفها.

– شابات صعيديات يحاربن من أجل الفن، وقفوا على كبرى منصات التتويج في مصر والعالم، كيف ترين تأثير الجوائز ونجاح الفيلم على «بنات البرشا» وعلى مجتمعهن في الصعيد؟

اللي حصل فاق توقعاتنا، وبعد رجوع البنات من فرنسا من مهرجان كان، أهالي القرية استقبلوهم بزفة ضخمة ولفوا بيهم شارع شارع، ودي بالنسبة للبنات وغيرهم، لحظة فيها انتصار كبير، وأكيد بعد سنين مقاومة المجتمع قلت لكن لسه فيه ناس بتشكك في اللي بيعملوه وقيمة فنهم، فبعد السنين دي قريتهم والصعيد بشكل عام يستقبلهم بالشكل ده ويتكرموا في كمية المؤسسات الرسمية المصرية دي زي المجلس القومي للمرأة ووزارة التضامن أو وزارة الشباب والرياضة، أظن ده رفع روحهم المعنوية، وأدى رسالة لشباب وبنات تانيين إنهم ممكن يجربوا يحلموا ويعملوا حاجات فنية وصوتهم ممكن يبقى واصل ومسموع.

– علمنا أن لديكما –أنتي والمخرج أيمن الأمير- مشروع جديد بعنوان «أرمسترونج» له علاقة بالصعيد أيضًا، حدثينا عنه

فيلم (أرمسترونج) من إخراج أيمن الأمير وده مشروعنا الروائي الطويل القادم وجزء كبير منه بيدور في الصعيد وقرية البرشا لكن مش كله، وهو بيتابع شباب القرية وأحلامهم، فأعتقد إننا هنفضل فترة متعلقين بالصعيد وحواديته، وإحنا على مدار الـ4 سنين اللي كنا بنصور فيهم كان فيه شباب كتير بتيجي لـ أيمن وبيقولوا وإحنا كمان وهتعملوا فيلم عننا إمتى، فإحنا استجبنا للطلبات الجماهيرية.

– فيلم «رفعت عيني للسما» كان مدعومًا بالأساس من مهرجان البحر الأحمر ومهرجان الجونة وجهات مختلفة، وأيضًا مشروعكم الجديد حصل على جائزتي دعم من «سيني جونة»، كيف ترين أهمية المهرجانات الفنية والدعم بالنسبة للمخرجين الشباب؟

المهرجانات بشكل عام هي المكان الرئيسي لتحريك صناعة السينما عالميًا سواء اختيار الأفلام اللي بتدعم الفيلم وتوزيعه، أو كمان الدعم المختلف من خلال برامج التطوير أو الدعم المالي أو طرق تانية ودي حاجة مهمة جدًا، وفي الوطن العربي في اللحظة دي فيه مهرجانات مختلفة نشطة جدًا من ضمنها الجونة والقاهرة والبحر الأحمر ومراكش، وكلها بتقدم دعم لصناع الأفلام وخصوصا العرب وده مهم علشان نقدر نكمل صناعة الأفلام ونحاول نوصلها للجمهور.

* الصور مهداة من مخرجة الفيلم ندى رياض


الكلمات المتعلقة‎