تستمع الآن

بعد قرارات وزارة التعليم.. كيف كان نظام الثانوية العامة مع بدايته في القرن الـ19؟

الخميس - ١٥ أغسطس ٢٠٢٤

أعلنت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، عن خطة الوزارة للعام الدراسي الجديد 2024 /2025، والذي سينطلق في الحادي والعشرين من سبتمبر المقبل.

وكشف محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، عن إعادة تصميم المحتوى العلمي والمعرفي لصفوف المرحلة الثانوية وتوزيعها بشكل متوازن، بحيث لا تسبب عبئًا معرفيًا على الطلاب.

لكن هذا التعديل يعيدنا إلى تاريخ بداية نظام الدراسة الثانوية في مصر والذي انطلق وجرى تعديله خلال القرن الـ19 الميلادي حيث كانت أولى المدارس الثانوية في مصر هي المدرسة الخديوية في القصر العيني وأنشئت عام 1936، ويمكننا رصد بداية نظام الثانوية العامة في مصر من خلال توثيق يعقوب آرتين في كتابه «القول التام في التعليم العام» الصادرة في عام 1890 باللغة الفرنسية وتمت ترجمته عام 1894، ويعقوب آرتين هو أديب مصري من أصل أرمني، ويعتبر أول من كتب الحكايات الشعبية المصرية، ودونها وسجلها. وأحد أبرز رجال التعليمِ في مصر خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر.

بداية الفكرة – محمد علي باشا

وسرد يعقوب آرتين باشا بداية فكرة المدارس الثانوية في عهد محمد علي باشا فقال:

«إنَّ المغفور له محمد علي باشا الأكبر، لمَّا استشعرَ بحاجته للضباط والموظفين الملكيين، أنشأَ أوَّلًا مدرسة عسكريَّة بالقلعة، ثمَّ صَدَرَ أمرُهُ توًّا بنقلها إلى أسوان، وذلك في سنة ١٨١٦، وفي سنة ١٨١٨ أَوجَدَ مدرسة أعدَّها لتخريج المهندسين الملكيين، وفي سنة ١٨٢٥ فُتِحَت مدرسةُ الطِّبِّ، وحيثُ كَانَ الطلبة الذين يدخلون بهذه المدارس من المماليك أو المصريين، الذين كانوا يتعلَّمُون في الكتاتيب والجوامع، لم يكن لهم أَدنى إلمام بالآداب والعلوم التي كان يُرادُ تعليمهم إيَّاها، بل قَلَّ أن يتعرف البعض منهم إحدى اللغتين التركية أو العربية قراءةً وكتابة؛ ولذلك كان يتعيَّنُ على كلِّ مدرسة من هذه المدارس أن تُشرِعَ في إعطاء تلاميذها دروسًا ابتدائية في الأشياء الأوليَّة الضرورية، حتَّى تعدهم تدريجيًّا إلى تلقِّي مبادئ العلوم الخصوصية التي أُسِّسَت المدرسة من أجلها.

ولمَّا أُنشئت نظارة المعارف العموميَّة سنة ١٨٣٦، انقسمت مدارسها على حسب انقسام مدارس فرنسا إلى ابتدائية وثانوية وعالية، ومع أنه كانَ بالقصر العيني من سنة ١٨٢٥ مدرسة شاملة للتعليم الابتدائي والثانوي، لكن لم يتأتَّ للمدارس التي استُحدثت سنة ١٨٣٦ أن تسيرَ سيرًا يُذكر إلَّا بعد مضي عشر سنين من تأسيسها.

ولاضطرار البلاد إذ ذاك إلى الموظفين، لم يُنتظر أن تنتظم حال تلك المدارس، وتترقى التلامذة من الابتدائي منها إلى الثانوي إلى العالي، بل كان يُقبل بالمدارس العالية بالصدفة والاتفاق، كما كان يحصل قديمًا تلامذة تُلقَى عليهم مبادئ العلوم حسب الطرق القديمة، ثم يُؤخذون ويُستخدمون، وفي نحو سنة ١٨٥٠، بينما كانت تلك المدارس آخذة تأتي ببعض الثمرات، وأصبحت التلامذة التي تحضر بالمدارس الابتدائيَّة والثانوية تدخُلُ في المدارس العالية، حاصلةً على معارف أرقى سنةً فسنة، أُغلقت المدارس دَفعَة واحدة، ووقف سير التقدُّم».

الخديوي إسماعيل

لكن المدارس الثانوية عادت للعمل بعد عدة سنوات في عهد الخديوي إسماعيل باشا، يقول آرتين:

«ولمَّا همَّ الخديوي إسماعيل باشا بإعادة نظارة المعارف ثانيةً في سنة ٦٣ عَادَت المدارس إلى نظامها التي كانت عليه سنة ١٨٣٦، وهُنَا أيضًا استُعمِلَت العجلة، فامتلأت المدارس الابتدائيَّة والثانوية والعالية مِن تلامذة أُخِذُوا بالصُّدفَة، ووُزِّعُوا عليها بعد امتحانٍ خفيفٍ، لم يُنظر فيه إلى معلومات الطَّالب في العلوم والآداب بعينِ الاعتبار، وتقرَّر أن تُدرَّس بالمدارس العالية المواد التي كانت تدرس في نظيراتها قبل سنة ١٨٥٠، بمعنى أنَّ التلامذة كانوا يتعلَّمون مع بعض العلوم أصول اللغة العربية، وكانوا يعرفونها قليلًا ومبادئ اللغة الفرنساوية، وكانوا يجهلونها بالمرة، وبالجملة كانت المواد التي تُدرس في كل مدرسة عليا عبارة عن مخلوط لا أساسَ له، يدخُلُ تحته المواد المقرَّرَة للمدارس الابتدائية، كالخطوط، وقواعد اللغات، والمواد المقرَّرَة للمدارس العالية، كالعلوم النظريَّة والعمليَّة الخاصَّة بالمدرسة، ولا شكَّ أنَّ هذه الحال إِنَّمَا كانت وقتيَّة».

أول امتحان للشهادة الثانوية

ويحكي يعقوب آرتين باشا عن أول امتحان للشهادة الثانوية:

«وفي شهر يونيو سنة ١٨٨٨ حصل أول امتحان لنوال شهادة الدراسة الثانوية، ومن البديهي أنَّ هذا الامتحان الأوَّل لم يحصل بالدِّقَّة والشِّدَّة المطلوبتين في مثله، وليس ذلك بالأمر الغريب، فإنَّ التلامذة والمدرِّسين، بل والممتحنين أنفسهم لم يكونوا قد استعدُّوا لامتحانات مثل هذه، حتَّى آلَ الأمرُ إلى أن خشي كثيرٌ من زُمَلَائي موظَّفِي النِّظَارة عاقبة هذه البِدعة، وظنُّوهَا مُضِرَّة بالتلامذة، ومُستقبل المدارس، قائلين: إنَّ هذا الامتحان المؤدِّي إلى انتقاءِ التلامذة للمدارس العالية، يستدعي نقص عددهم بها مُدَّة سنين».

المواد الدراسية

كما أوضح المواد الدراسية التي كان يُجرى فيها الامتحانات للشهادة الثانوية وهي:

الاختبارات التحريريَّة: لغة عربية – لغة أجنبية (إنجليزية أو فرنساوية) – ترجمة – خطوط (عربي أو إفرنكي) – رياضة (حساب، هندسة، جبر) – جُغرافية ورسم خرط – علوم طبيعيَّة (طبيعة، وتاريخ طبيعي، وقانون صحة).

اختبارات شفاهية: لغة عربية – لغة أجنبية – رياضة – جغرافية – قسموغرافية – تاريخ – طبيعة – تاريخ طبيعي – قانون صحَّة.

صورة مرخصة للمشاع الإبداعي


الكلمات المتعلقة‎