تستمع الآن

مع خالص حبي| قراءة في رسائل من علماء الحملة الفرنسية عن المصريين.. «قدرتهم خارقة على الحب والبقاء»

السبت - ٢٣ مارس ٢٠٢٤

قالت مريم أمين إن عدد كبير من المؤرخين الفرنسيين والقادة العسكريين كتبوا كثيرا عن الحملة الفرنسية على مصر، موضحة أن تلك الكتابات وسرد الحكايات اختلف من شخص إلى آخر.

وأكدت مريم أمين خلال برنامج “مع خالص حبي” على “نجوم إف إم”، اليوم السبت، أن بعض العلماء كتبوا أن الحملة كانت عظيمة وحققت أهدافها، إلا أنه بعد سقوط حكم نابليون ظهر كُتاب آخرون قالوا إن حملة نابليون لم تكن ناجحة وأن تلك الحملة كانت بداية لهزيمة فرنسا.

وقرأت مريم أمين مجموعة من الرسائل أرسلها روجيه كليمان الذي كان ضمن 150 عالمًا و2000 فنان فرنسي رافقوا قائد الحملة الفرنسية نابليون في حملته لمصر، حيث كان يرسل تلك الرسائل إلى صديقه في فرنسا.

وأضافت: “تلك الرسائل كانت من ضمن الوثائق التاريخية التي تم إيداعها في دار الكتب الفرنسية بعد مراجعتها”.

رسالة روجيه كليمان

كنت وأنا أضع قدمي على أرض مصر.. أحس أنني مقبل على بلاد أفريقية مظلمة، أحمل لها شعلة الحضارة.. وأذيقها طعم الجمهورية التي تنهل منها بلادي، فإذا بي اليوم .. ماذا أقول يا صديقي؟ هؤلاء الفلاحون إذا رأيتهم عن قرب ورأيت وجوههم التي تبتسم لك في طيبة وسذاجة، وأدركت خجلهم الفطري من الغريب ربما يدفعك هذا للاستخفاف بهم، وتعتقد أنك لو ضربت أحدهم على قفاه لما جرأ على أن يرفع لك وجهه، ولتقبل الإهانة بكل سعادة وخشوع.

حذار أن تفعل شيئاً كهذا.. فقد حاول الجنرال كليبر ذلك وندم.. المشكلة ليست في الغزو أبدا.. المشكلة هي في ما يحدث بعد الغزو، وأتحدى التاريخ أن يثبت أن غازياً واحداً دخل هذه البلاد واستطاع أن يغادرها سالماً”.

ما أقسى نظرات هؤلاء المصريين حين يوجهونها إلى عدو غريب، إنهم بينهم وبين أنفسهم يعاملون بعضهم كالديوك طول النهار، لا يتحدثون إلا شتائم ولا يتكلمون إلا زعيقا.. ومع هذا فليجرؤ غريب أي غريب ويحاول أن يلمس أحدهم؛ ما إن يحدث هذا حتى تحدث معجزة وإذا بهم يواجهونه وقد نسوا كل ما كان بينهم من خلافات.. وكنا نحس بنظراتهم تكاد تلتهمنا وما أقسى أن تعيش مع شعب لا يحاول إخفاء عداوته.

لقد جئنا نغزو هؤلاء القوم بتفوقنا، بمدافعنا، وموسيقانا النحاسية، ومطبعتنا، وتفاعلات كيميانا، ولكن أنّى لنا بمقدرتهم الخارقة على التكتل والحب والبقاء؟ أنّى لنا بإيمان كهذا ؟ أنّى لنا بالقدرة على أن نكون أفراداً إذا أردنا، وكتلة واحدة حين نريد؟

ممكن أن نكون قد أدهشناهم بحضارتنا لكن صدقني لقد روعنا يا صديقي.

وأشارت مريم أمين إلى أن هناك الكثير من العلماء المشاركين بالحملة الفرنسية كتبوا عن مصر، في كتاب “وصف مصر”، حيث كان ذلك الكتاب بمثابة دراسة في عادات وتقاليد سكان مصر، حيث قال العلماء:

– لا يمكنك أن تكتشف ما يكمن في نفس المصريين عن طريق ملامحهم.. فصورة الوجه ليست مرآة لأفكارهم.. فشكلهم الخارجي في كل ظروف حياتهم يكاد يكون هو نفسه.. إذ يحتفظون في ملامحهم بنفس الحيادية سواء حين تأكلهم الهموم أو يعضهم الندم أو كانوا في نشوة من السعادة العارمة

سواء كان يحطمهم الغضب أو يسعون للانتقام.. لا يظهر عليهم غير السكون وكأن ليس هناك صراعات من العواطف بداخلهم.

يتمتع الفلاحون عادة بصحة جيدة وملامحهم بشوشة رغم عملهم الشاق جدا، وهم يستطيعون تحمل كافة المتاعب ويرعون أسرهم دون ملل أو شكوى.. حقيقي أمرهم غريب.. كيف تتحمل تلك الأجساد هذا الإرهاق وسط أشعة الشمس الحامية لساعات طويلة.. وتظل روحهم خفيفة متفائلة ويضحكون على الدوام من أي شيء وعلى أي شيء؟

فإن لم يجدوا شيئا مضحكًا ضحكوا على أنفسهم ليهونوا مشقة الأيام.. كما يتميز المصريون باحترامهم كبار السن بدرجة كبيرة ومدهشة لا أجدها في بلادنا ولم أجدها في كل بلاد أوروبا.. الشخص المسن في مصر له الأولوية في الطعام والراحة وينعم بصحبة أبنائه وأحفاده.. إذ يعتبرونه بمثابة صاحب الكلمة في العائلة والشمعة التي تضيء الطريق بخبرته في الحياة.. وفي هذا إقرار بالفضل ورد للجميل لم أر له مثيلا.

«مع خالص حبي» قراءة في خطاب يوميًا من الساعة 5.05 حتى 5.10 عصرا.

 – مصدر الصورة الرئيسية لنابليون بونابرت عن المشاع الإبداعي


الكلمات المتعلقة‎