يختلف الناس في ميولهم السياحية، فهناك من يفضِّل زيارة دول جديدة للتعرُّف على ثقافتها، أو الاستمتاع بجمال طبيعتها، أو الاطلاع على آثارها وحضارتها وتقاليد أهلها، فهناك مثلا السياحة العلاجية أو سياحة التجميل أو نيل تدريبٍ مهنيٍ متخصصٍ، أو حتى لمشاهدة مباراة في كرة القدم.
ولكن هناك نوع من أنواع السياحة يحظى بدعم كبير من الصينيين راغي قضاء العطلات في جزيرة جيجو الكورية الجنوبية، يطلق عليه “سياحة استخراج رخص القيادة”، حيث وصل عدد السائحين المقبلين على زيارة المدينة منذ مطلع العام الجاري أكثر من 300 ألف، وفقا لما ذكرته “بي بي سي”.
وأوضح التقرير، أن الأمر يستغرق من أولئك السائحين أياماً لملء الاستمارات الخاصة بالاختبارات وانتظار مواعيدها ومن ثم خوضها. وإذا ما حالفهم الحظ بالنجاح في الاختبار من المحاولة الأولى، فسيظل لديهم وقتٌ للاستمتاع بشواطئ الجزيرة.
وشدد على أن “سياحة استخراج رخص القيادة” في جيجو هي ظاهرةٌ حديثة العهد، إلا أن الإقبال عليها ينمو بوتيرةٍ متسارعةٍ. فوفقاً للمركز الموجود في الجزيرة، بلغ عدد الصينيين الذين استخرجوا الرخص منه منذ بداية 2018 وحتى الآن 2172 صينياً بمتوسط 62 منهم أسبوعياً، وهو ما يمثل زيادةً كبيرةً مُقارنةً بما كان الحال عليه قبل سنوات.
ففي 2010 مثلاً لم يتجاوز عدد الصينيين الذين تمكنوا من تحقيق الهدف نفسه خلال العام بأكمله 68 شخصاً.
الفوائد
وأوضح التقرير، أن من بين عوامل التحفيز القوية التي تدفع الصينيين للقيام بهذا النوع من “السياحة العملية” جودة الخدمة التي يحصلون عليها في جيجو والمميزات التي تنطوي عليها هذه الخطوة مُقارنةً بالتكاليف التي يتكبدونها لأجل القيام بها.
فبالنسبة للسائقين الصينيين، تؤتي الرحلة إلى هذه الجزيرة أُكلها على صعيديْن. فمن الناحية المالية، يشكل الذهاب إلى جيجو لاستخراج رخصة قيادةٍ خياراً جديراً بالتجربة إذا ما قورنت تكاليفه بما يكلفه التوجه للسبب نفسه إلى مدارس قيادة السيارات الموجودة في المدن الصينية الكبرى.
كما أن الحصول على الرخصة من تلك الجزيرة أسرع وأكثر راحةٍ كذلك.
وتقدم شركات السياحة والسفر الصينية عروضاً لقضاء عطلةٍ لمدة خمسة أيام في “هاواي كوريا الجنوبية”، بغرض الحصول على رخصة قيادة من هناك.
وتبدأ تكلفة البرامج السياحية المُقدمة في هذا الصدد من نحو 8800 يوان (ما يوازي 1280 دولاراً أمريكياً) وتشمل ترتيب مسألة استخراج الرخصة للمشاركين فيها بكل تفاصيلها، مع إدراج زياراتٍ لبضعة معالم سياحية كذلك.
ويغطي هذا السعر تكاليف الإقامة في الفندق والتنقلات والحصول على دورةٍ لتعليم القيادة، وكذلك رسوم إجراء الاختبار.
ويستفيد الزوار الصينيون لجيجو من حقيقة أن بلادهم، تسمح بأن يتمكن السائقون الحاصلون على رخص قيادةٍ من بلدانٍ أجنبيةٍ من الاستفادة من ذلك بشكلٍ مشروطٍ، للحصول على رخصٍ محلية.
فبوسع كلٍ من هؤلاء تحويل رخصة قيادته الكورية الجنوبية إلى نظيرتها المحلية، بمجرد اجتيازه اختباراً نظرياً في هذا الصدد.
لكن ذلك ليس السبب الوحيد الذي يدفع السائحين الصينيين لاعتبار أن الحصول على الرخصة من كوريا الجنوبية يشكل خياراً أفضل بالنسبة لهم. فثمة عاملٌ آخر كشف عنه “مين تي لي”، وهو طالبٌ صينيٌ يساعد صديقاً له على تحديد موعدٍ لاختبار القيادة الذي سيخوضه في الطريق العام، والذي قال: “اختبار القيادة الصيني صارمٌ للغاية، أما الكوري فهو سهل”.
اللغة
علاوةً على ذلك، تلعب اللغة دوراً في إقبال الصينيين على السعي للحصول على رخصة قيادة من كوريا الجنوبية.
ففي جيجو، تُتاح الفرصة لتقديم الطلبات وإجراء الاختبارات التحريرية النظرية باللغة الصينية. كما أن الكثير من الموظفين في مركز الاختبار يعرفون المفردات الصينية ذات الصلة بالتفاصيل الخاصة بعملية التقديم والاختبار وما إلى ذلك.
ورغم أن هذا ليس بالأمر الغريب في عموم كوريا الجنوبية، في ضوء أنه يمكن فيها إجراء الاختبارات التحريرية باللغة الإنجليزية وملء استمارات التقديم بعددٍ لا يُحصى من اللغات، فإن جيجو تبقى مع ذلك الوجهة الرئيسية لـ”سياحة استخراج رخص القيادة” مُقارنةً بباقي مناطق البلاد، لسببٍ مُقنعٍ وقهريٍ في الوقت نفسه، ألا وهو أنها تعفي السائحين الصينيين من شرط الحصول على تأشيرة دخول، وهو ما لا يتوافر في المناطق الأخرى.
لذا لا تزال الصفوف طويلةً أمام مركز استخراج رخص القيادة في جيجو. لكن الجميع يقرون بأنه من الصعب أن ينافس مكانٌ آخر تلك الجزيرة، من حيث المقومات والمميزات التي تحظى بها على هذا الصعيد.
فزوارها لا يحصلون منها على رخصة قيادةٍ ساريةٍ ومعترفٍ بها دولياً فحسب، وإنما تسنح الفرصة كذلك لمن تكون له الأسبقية منهم في تحقيق هدفه بسرعة، لأن يجد شواطئ جيجو وحفلات الشواء التي تُقام في أنحائها في انتظاره قبل الرحيل.
مواضيع ممكن تعجبك