تستمع الآن

“خرج ولم يعد”.. قطعة الشيكولاتة التي يدعو من خلالها محمد خان للعودة إلى الطبيعة والجذور الساحرة

الأحد - ٠١ أبريل ٢٠١٨

تطرقت آية عبدالعاطي، في حلقة برنامج “فيلم السهرة”، يوم الأحد، للحديث عن فيلم “خرج ولم يعد”، بطولة يحيى الفخراني، وليلى علوي، عايدة عبدالعزيز، توفيق الدقن، وإخراج محمد خان، وقد حصد الفيلم العديد من الجوائز منها جائزة التانيت الفضي وجائزة أفضل ممثل يحيى الفخراني في مهرجان قرطاج الدولي عام 1984، كما شارك في مهرجانات عديدة.

وقالت آية في مستهل الحلقة: “في أوبريت (الليلة الكبيرة) فيه كوبليه جميل جدا وملخصا لفكرة الأصل، صلاح جاهين بيقول (دول فلاحيين ودول صعايدة.. دول من القنال ودول رشايدة)، الفكرة إن لو حد سألك إنت منين هتقول من مصر، آيوه منين بقى؟ ستجيب من القاهرة، لكن الإجابة بتاعت المحافظة دي بقى بتختلف لأن في الغالب والأعم مفيش حد من القاهرة، كلنا لا صعايدة أو فلاحين أو بحاروة، هتلاقي اللي من القاهرة من أحياء قديمة من السيدة زينت من الوايلي، أحياء من عمر القاهرة بس برضه أكيد لهم بلد ما، الغريب إن الإنسان بدافع فطري وتراثي جدا بيتعامل مع محافظته على أنها بلده وتلاقيه بيقول أنا رايح البلد، هنقضي العيد في البلد، هنروح أول يوم رمضان نفطر في البلد، الرائحة في كل حاجة في هواء الطريق في طمي البيوت اللي في البلد في رائحة الغسيل، وأكثر حاجة لها رائحة وطعم ولون هي الأكل، ضمن تفاصيل كثيرة لها علاقة بالعودة للأصل وللبلد في فيلمنا النهاردة (خرج ولم يعد)”.

قصة الفيلم

وتدور قصة الفيلم حول رحلة الشاب عطية، يحيى الفخراني، في بحثه عن أسلوب جديد للحياة، بعد أن ظلمته المدينة، ورغم أنه موظف بسيط في أرشيف إحدى الوزارات، يحلم بأن يصبح مديرها العام حتى لو اقتضى ذلك عشرين عاما من الانتظار، فهو يسكن منزل آيل للسقوط في إحدى حواري القاهرة الفقيرة، وبسبب أزمة الإسكان، نراه يؤجل زواجه من خطيبته لمدة 7 سنوات.

ولكنه إزاء تهديد والدة خطيبته بفسخ الخطوبة، يقرر الذهاب إلى الريف ليبيع قطعة أرض يملكها هناك كحل لأزمة الشقة هناك في الريف، إنما لظروف طارئة، يمكث فترة ليست بالقصيرة، يتعرف خلالها على كمال بيك، فريد شوقي، وابنته خيرية ليلى علوي الذين يوقظان في داخله حب الجمال والطبيعة، ويغريانه بالمكوث معهما في الريف، هنا يجد نفسه في صراع داخلي بين العودة إلى المدينة التي اعتاد على الحياة فيها رغم قسوتها، وبين الاستقرار في القرية التي جذبته ببساطتها وطبيعتها الساحرة والخلابة، في النهاية يحسم هذا الصراع لصالح الريف الذي وجد نفسه فيه بجانب خيرية التي أحبها.

 محمد خان

“ربما كانت الشخصيات من الخيال.. ولكن ثق أن الأماكن من الواقع”.. هكذا بدأ المخرج الراحل محمد خان فيلمه “خرج ولم يعد”، والبطل هنا ليس شخصاً من لحم ودم كما اعتدنا في سلسلة موضوعات سابقة لخان، ولكنه مكان حقيقي، قرية اسمها “العزيزية” ترمز إلى “الجنة” ولكنها على الأرض.

“فيلم “خرج ولم يعد” ضمن قائمة أهم 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.. والفكرة مستوحاة من رواية للأديب الإنجليزي أرنست بيتس عنوانها Darling Buds of May أو “براعم مايو المحببة” والتي نشرت عام 1958، وهي مشهورة باسم آخر وهو “براعم الربيع”، والقصة بعد تمصيرها بعيدة بتفاصيلها عن الأصل الإنجليزي، ويعتبر كثيرون هذا الفيلم من أجمل ما تم تقديمه عن الريف المصري ولكن من الجانب الرومانسي والذي يبحث عن تحقيق الأحلام.

وقال خان في حوار مع جريدة “الأهرام” نشر عام 2016: “(خرج ولم يعد) استوحى فكرته بعد عودة الكاتب عاصم توفيق من سفره الذي دام طويلاً في الخارج، وقام عاصم بالدعوة صراحة إلى العودة للطبيعة وللجذور معا، ويرسم حكايات حب عابرة لكل الجسور سواء في علاقة الموظف بالفلاحة التي لم تكمل تعليمها، أو في علاقة كمال بك مع زوجته الفلاحة عايدة عبدالعزيز والتي لا يناديها إلا بلقب “هانم”، ورغم أن بيت القرية أقدم.. ولكن منزل المدينة يتهدم على رءوس سكانه بينما يظل “بيت العائلة” ثابتاً، ويؤكد محمد خان أنه في كل هذه الأعمال لم يتدخل بشكل مباشر في صياغة السيناريو، إنما دوره في “الإلهام” فقط”.

حتة شيكولاتة

وأشار خان في حواره مع الأهرام: “لو تحدثنا عن خرج ولم يعد، أعتقد أنه تمت فلسفته أكثر مما يجب، وأنا أصوره كنت أشعر بأنني أعمل قطعة من الشيكولاتة، الفيلم بالنسبة لي له مذاق وطعم وفيه جديد أيضاً، في هذا الفيلم أحترم الموظف المطحون في المدينة ولجوئه إلى الريف بشكل كوميدي ساخر، أنا لا تخصني بالمرة مسألة العودة إلى الريف لأضعها كمانشيت في نهاية الفيلم، لأنني لم أكن ولا أريد أن أكون مصلحاً اجتماعيا، أنا فنان أعبر عما يؤرقني في الحياة من عيش، ويقولون إن الريف جنة في الفيلم، أقول: نعم أردت ذلك، أردت المبالغة لأوصل الفكرة بطريقة معينة ولإظهار المفارقة الساخرة، لكن لا تنسوا أن البطل حين يطأ بقدميه للمرة الأولى يجدها في مخلفات حيوانية، ولا تنسوا نهايته، ميزته في نظري هي تلقائيته وتدفق حواره السلس جداً”،

فريد شوقي

والغريب وكما يقول المخرج محمد خان، فإن كبار النجوم وقتها رفضوا أداء الدور مع الفخراني، ومنهم محمود مرسي وحسن عابدين، وقبله في النهاية الفنان فريد شوقي بعد إلحاح شديد من منتج الفيلم وكاتب الحوار عاصم توفيق.

الموسيقى

أما الموسيقار كمال بكير فهو مثل كل الموسيقيين الذين يتعامل معهم محمد خان.. يقوم بتكثيف كل المعاني عبر 3 أو 4 آلات موسيقية فقط ومن الجملة اللحنية الواحدة يمكن أن ينتزع من المشاهد الإحساس بالحزن والبهجة معاً.. فقط بلمسات بسيطة في توزيع الآلات والنغمات.

وأوضحت آية: “كنت تحس في الجملة الموسيقية الواحدة إن الكاميرا والصورة فرحانه وبتنقلك عدوى الفرحة دي تماما باستخدام آلات شرقية صرف بترتيبها.. تسمع الرق، شخاليل الرق، الناي، القانون، دمجهم مع بعض”.

العزيزية

محمد خان أكد في بداية الفيلم أن قرية “العزيزية” مكان حقيقي.. وفي سياق الفيلم لم يشر لموقعها إلا بكونها قريبة من بنها.. فهي إحدى قرى مركز منيا القمح بمحافظة الشرقية والتي لا تبعد عن بنها سوي 12 كم، والعجيب أن هذه القرية لا تشتهر بمحاصيل معينة.. ولكن شهرتها تأتي من صناعة “الحواوشي” لدرجة أنه ذاع صيتها ليس فقط على مستوى محافظات مثل الإسكندرية والدقهلية والأقصر وأسوان، بل أيضاً في الدول العربية مثل الإمارات والسعودية، ويعتبر يوم الأربعاء من كل أسبوع بالنسبة لسكان تلك القرية بمثابة “عيد الحواوشي”، إذ أكد الأهالي أنه يوم “مقدس” وفيه يخرج الأهالي لتناول وجبة الحواوشي والتى بسببها تكثر محلات الجزارة ومخابز العيش.


الكلمات المتعلقة‎


مواضيع ممكن تعجبك