كشف الكاتب والسيناريست بشير الديك، العديد من أسرار رحلته منذ البداية حتى الوصول إلى كونه أحد أهم كتاب السينما والدراما المصرية، موجها نصيحة لجيل الشباب من يريدون دخول عالم الكتابة”.
وحل الديك ضيفا على مراد مكرم، عبر برنامج “تعالى اشرب شاي”، يوم السبت، على نجوم إف إم، وعن نشأته، قال: “التاريخ بالنسبة لي مرتبط بالجغرافيا لأنها عامل مهم ومؤثر وله تأثيرات قوية وأنا مولود في إحدى قرى دمياط وهي في أقصى شمال مصر قبل البحر المتوسط مباشرة، وفي الشرق ستجد نهر النيل وفي الغرب بحيرة المنزلة والتي تضم 3 محافظات، هذا العامل المائي لهم سحر شديد الخصوصية وله في النفوس المصرية خصوصية شديدة، وأنا في تقريبا الرابعة من عمري والدي نقل إلى مدينة المنصورة فانتقلت الأسرة كلها ولذلك كان هذا العالم أنه الحلم المؤجل بالنسبة لي وهو عالم ملئ بالأساطير والهدوء والحكايات”.
وأضاف الكاتب الكبير: “فيه حاجة اكتشفها تدريجيا إن أعشق القرأة بشكل مبالغ فيه وبشكل غير طبيعي وكنت نهما منذ نعومي أظافري وكنت أقرأ كل ما يقع تحت يدي، وأيضا الشعر فيه طاقة روحية عالية وغرمت به ثم عجبني القصص القصيرة، وكنا في فترة في مصر الأمور كانت بأفضل ما يكون سواء المدارس والتعليم، والمدرس طلب منننا قرأة كتاب معين لكي يناقشنا فيه ووقع وقتها تحت يدي كتاب (الفتنة الكبرى) لطه حسين وكان يتكلم عن فترة الخوارج والحروب الإسلامية وكانت بالنسبة لي كما لو أنك فتحت طاقة سحرية وعالم مذهل ومدهش وملئ بالتفاصيل وعملت بحث من هذا الكتاب وكنت تقريبا حافظ أجزاء منه، ومدرسي كان سعيدا جدا باختياري في المدرسة وناقشنا فيه وكان أول مرة أقرأ لطه حسين”.
بداية الحلم
وتابع: “في فترة الستينيات كانت فترة الحلم والزهو، كانت مصر لديها وزير الثقافة أستاذ ثروت عكاشة الذي كان يحلم كل مدينة في مصر بها أوبرا وكانت أحلام أن تنتج من الإبرة للصاروخ وهذا الاستيقاظ الرهيب الذي حصل بمجموعة من الرجال وكيف تكون مصر دولة من الدول العظيمة كنا نحن أبناء هذه الفترة وأفلامي كلها كانت مرثية لهذه الفترة”.
واستطرد: “كان حلمي أكون كاتبا من وأنا في ثانوي وكتبت قصص قصيرة بدائية، ثم لما انتقلت للجامعة، وكان نفسي أدخل أداب فلسفة ولكن والدي قال لي هل تريد أن تكون فيلسوفا أو مدرسا، وكانت هناك كلية جديدة وهي سياسة واقتصاد ولكن كنت ناقص درجتين عليها، ولذلك التحقت بالتجارة وأفهموني أني لو جبت جيد ممكن أنقل سياسة واقتصاد، ولكني أكملت طريقي في التجارة وكان لدي وقتا طويلا لكي أقرأ واكتشفت اكتشاف مدهش وأنا كنت في المدينة الجامعية وكنت أذهب للسينما وأخرج أمام محل كتب وكان به كتب كثيرة بأسعار زهيدة وبها كتب للأدب الروسي، وكان هذا المشوار همي في هذا الوقت وكنت أقرأ لمدة 16 و17 ساعة في اليوم، وعملت لي زاد مدهش، والكتب كانت بالنسبة لي عالم سحري وصندوق حواديت ولكن لم يمنع علاقاتي وصداقتي طبعا، ونشرت عددا من القصص في جريدة المساء ومجلة المجلة”.
حب السينما
وعن انتقاله للكتابة للفن، أوضح: “قرأت رواية الزوج الأبدي للأديب الروسي لدافتوسكي وعملت لها معالجة كبيرة حوالي 40 صفحة وكان فيها الحوار وكان هذا عام 78، وبدأت رحلة الكتابة من هنا للسينما وجرفتني وسحب كل قوايّ وخصوصا في فترة الثمانينات عملت 60 فيلما غير المسلسلات وكانت بداية الطريق وبحب السينما وهي قادرة على قيادة كل شيء وتقول فيه ما تشاء، وأنا لم أدرس كتابة الرواية أو كتابة السيناريو”.
الفيلم الأول
وتطرق للحديث عن فيلمه الأول، قال: “فيلمي الأول (مع سبق الاصرار) كان يصور وكان بطولة محمود ياسين ونور الشريف وميرفت أمين وهدى رمزي، وكان فيه مشاهد نفسي أحضرها وكان بها صراع مخفي بين الشريف ومحمود ياسين ولكن لم أستطع أن أحضر لأن كنت مشغولا بالكتابة في فيلم آخر، وفي يوم من الأيام كنت جالسا في منزلي بالهرم وسمعت صدى صوت لحوار أنا عارفه ونزلت خلفه حتى وصلت لفيلا عرفت أنها فيلا محمود ياسين وكان معه نور الشريف ودخلت الفيلا لكي أفهم أين يأتي هذا الصوت وكان موجود الموزع اللي بيوزع الفيلم للسعودية وكان يعرضه لهما قبل نزوله للسينمات وهذا أمر أسعدني جدا، وجاءت لي عروض كثيرة، حتى التقيت بالمخرج محمد خان”.
وأردف: “أنا لدي قناعة ويقين إن كل إنسان يختار حياته ويصنعها حسب تكوينه، والإنسان يستطيع أن يعيش سعيدا فلماذا يعيش تعيسا وممكن تعمل نفس الأشياء وأنت مبسوط ويكون فيه الشجاعة إن لم يحدث التوافق بين أي طرفين يتركون بعض دون أي مزايدات أو خناق”.
وعن عمله العديد من الأفلام مع المخرجين الراحلين أمثال أشرف فهمي وعاطف الطيب ونادر جلال ومحمد خان، أشار: “عندي يقين إن المخرج وكاتب السيناريو وأحيانا المونتير هي مهنة واحدة، بمعنى إن شارلي شابلن لما فكر يعمل فيلم كتبه وأخرجه ومثله هي مهنة متواصلة، إذا ارتحت مع شخص وأصبحنا مرتاحين فيخرج عمل جيد ولما يستقر الإنسان على عنصر يستريح معه ويمتعه فلماذا سيتركون بعض، ويجب أن نكون متفاهمين لأننا لو متناحرين سنخرج فيلم سيئ، ونور الشريف عرفني على محمد خان لأنه كان يعمل معه فيلم (ضربة شمس)، وقال لي إنه مخرج رائع، وبدأنا نتفاهم جدا وهو يريد عمل سينما مختلفة وعجبني جدا رؤيته واتفقنا ونحن كنا نصور فيلم من بطولة سعاد حسني وحسين فهمي وأحمد زكي كان عاطف الطيب بيصور فيلمه الأول وتعرفت عليه وأيضا عملت وقتها معه”.
ووجه الكاتب الكبير نصيحة لمن يريد الدخول لعالم الكتابة، قائلا: “مهم ألا تتحول المهنة لسبوبة أو نحت بلغة أهل السينما، ومهم الثقافة الحقيقية والكثافة لا يمكن تطلب من نحلة تمنحك عسل دون أن تزور ورود مختلفة، المهم الثقافة الإنسانية، ويقرأ للأسماء المؤثرة في التاريخ البشري مصري وأجنبي طبعا ولازم يمسك الحرفة ويعرف كيف تكتب القصة والسيناريو ويصنع الفيلم يا يتعلم في معهد السينما أو يدخل مطبخ هذه الصناعة”.
مواضيع ممكن تعجبك